الزمني تقدم رتبي ، كما والمتقدم الرتبي في المتأخر زمنا داخل في نطاق (السَّابِقُونَ).
«السابقون الأولون من المهاجرين» «السابقون الأولون من الأنصار» «السابقون الأولون من الذين اتبعوهم بإحسان» محلّقة على مثلث الزمان منذ يوم البعثة إلى يوم البعث ، وليس التقدم إلّا للأسبق الأسبغ في المهاجرة الحسنة والنضرة الحسنة مهما بعد الزمان والمكان ، فهنا لا تتحكم فواصل الزمان والمكان لفاصل الإيمان ، إنما الحكم هنا لفاضل الإيمان مهما كان للمتأخرين في الزمان.
ثم الإتباع المحبور هنا بإحسان محظور هناك بغير إحسان ، فمن إحسان الإتباع أن يكون على بصيرة تعني إتباع صراح الحق ، وهو بغير إحسان أن يكون على عمى وعمه دون أية بصيرة ، ف (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٣٩ : ١٨).
وهنا الباء في «بإحسان» تعني كل السببية والمصاحبة والظرفية ، اتباعا بسبب إحسانهم أولاء في المهاجرة والنصرة ، ومصاحبا للإحسان معرفيا وعمليا ، وفي ظرف الإحسان بكل ملابساته الصالحة ، وليس من إتباعهم بإحسان حسن القول فيهم مهما كانوا محسنين ، ولو أنه يشمل حسن القول فيهم لم يشمل المسيئين من المهاجرين والأنصار الذين لا يرضى الله عنهم.
ثم سواء أكان السبق والأولية هنا في الزمان مع سبق الإيمان وأوليته في الكيان أم دون زمان ، فالسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار هم الرعيل الأعلى في حقلي الهجرة والنصرة أيا كانوا وفي أي زمان ، إذا ف (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ) هم من دونهم في الثانية ، وهم ـ إضافة إليهم ـ من يفوقهم أو يساويهم في الأولى.
ف «من» على أي الحالين تبعيضية إذ ليس كل المهاجرين والأنصار في القمة المرموقة المتبوعة من الإيمان حتى يصبحوا أئمة المؤمنين.