السابقين الأولين زمنا ، ولذلك لما أنزلت هذه الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): هذا لأمتي كلهم وليس بعد الرضا سخط (١).
وفي رجعة أخرى إلى الآية نجد الهجرة في الله والنصرة لله هما الركنان الركينان في حقل الإيمان ، فالمؤمن يتراوح بين مهاجرة بدين الله ومناصرة في دين الله.
فهنا (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ) تعني متابعة المهاجرين في الهجرة المناصرة ومتابعة الأنصار في النصرة المهاجرة ، فإنهما صبغتان سابغتان سابقتان في ميادين الإيمان.
وهنا الإتباع في كلا الهجرة والنصرة يحمل مثلثا من المواصفات ، عطفا بسبقة وأولية ، وردفا «بإحسان» فالذين اتبعوهم بإحسان في السابقة والأولية هم منهم أم وأعلى منهم إذا علو هم فيما هم فيه.
ذلك ، وقد يتعلق «بإحسان» إضافة إلى (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ) ب (السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) أيضا ، فكما اتباعهم المرضي ليس إلّا بإحسان ، كذلك المهاجرة والنصرة لا بد وأن تكونا بإحسان.
فالمؤمن أيا كان وأيان يعيش مهاجرة في دين الله ونصرة لدين الله والدينين ، ومتابعة للمهاجرين والناصرين ، دونما اختصاص بزمان دون زمان.
فقد يشكل صرح الإسلام مهندسا بهذه الثلاث :
والسبعة السابغة في هذه الثلاث هي المرضية عند الله مهما تأخر الزمن ، وغيرها غير مرضية وإن سبق الزمن ، فإنما القاعدة هنا هي أصل الإيمان بأبعاده ، سواء أكان متقدما أو متأخرا ، إلا إذا كان في التقدم
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٧١ ـ أخرج ابن مردويه من طريق الأوزاعي حدثني يحيى بن أبي كثير والقاسم ومكحول وعبدة بن أبي لبابة وحسان بن عطية أنهم سمعوا جماعة من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقولون : لما أنزلت هذه الآية ...