(فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) فإنها هدى الله ، دون هدى من سواهم فإنها متخلفة عن هدى الله.
فهكذا (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ) اقتداء بهداهم لأنها هدى الله ، ولكلّ درجات مما عملوا حسب الدرجات.
فلا تفضل فواصل الزمان والمكان أم أيا كان بين رعيل الإيمان ، إنما هو فاضل الإيمان ، فصلا بين أصل الإيمان وفصله ، أم فصلا بين درجات الإيمان ، فقد يجمع بين علي (عليه السلام) وسلمان في هذه السبقة السبغة الإيمانية ، وبينهما في الإيمان فصل الزمان ، وقد جمع علي (عليه السلام) بين سبقي الزمان ومكانة الإيمان (١) ف (الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) إنما تعني المعية الرسالية ، دون أية معية أخرى.
فقد يفوق مؤمنون ـ في زمننا أم فيما نستقبل ـ مؤمنين زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يحملون في إيمانهم معية رسالية فوق
__________________
(١) في ملحقات إحقاق الحق (٣ : ٣٨٦) أن الآية نزلت بحق علي وسلمان عن ثمانية من فطاحل العامة وهم الثعلبي في تفسيره المخطوط رواه بسند عن علي (عليه السلام) أنه قال : أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كذاب مفتر صليت قبل الناس سبع سنين ،والموفق بن أحمد المكي في المقتل ص (٤٠) والقرطبي في تفسيره والهيثمي في الصواعق عن المحرقة ص (١٥٩) ومجمع الزوائد (٩ : ١٠٢) وخواند مير في حبيب السير (٣ : ١١) وابن تيمية في رسالة رأس الحسين ص (٢٣) كلهم رووا أنه (عليه السلام) هو السابق الأول ، وابن مردويه في المناقب (كما في كشف الغمة ٩٤) روى أن السابقون الأولون علي وسلمان.
وفي الملحقات ١٤ : ٣٣٣ ـ ٣٣٤ مستدركا عما في (ج ٣) ومنهم ابن قايماز الذهبي في ميزان الاعتدال (١ : ٣٥) والعسقلاني في لسان الميزان (١ : ٢٢٧) والأمر تسرى في أرجح المطالب (٧٤ و ٢ و ٣) والحسكاني في شواهد التنزيل (١ : ٢٥٤) ومما رواه عن الحسن بن علي (عليه السلام) أنه حمد الله وأثنى عليه وقال : (السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ) فكما أن للسابقين فضلهم على من بعدهم كذلك لعلي بن أبي طالب فضله على السابقين بسبقه السابقين ، وروى عن ابن عباس في الآية قال : نزلت في علي سبق الناس كلهم بالإيمان بالله وبرسوله وصلى القبلتين وبايع البيعتين وهاجر الهجرتين ففيه نزلت هذه الآية.