تابوا عن ارتدادهم : (فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ) وهذا نص في قبول توبتهم لصريح وعد الخير (وَإِنْ يَتَوَلَّوْا) معرضين على ما هم عليه من الكفر والنكران (يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) ومن عذاب الدنيا خروجهم عن قوة الإسلام وأمنه ، وقتلهم قضية حكم الارتداد المعمّد دون توبة ، إذا فتوبة المرتد مقبولة بذلك النص ، ولكن المنافق المتعمق المتحقق في نفاقه ، المتعرق في كفره ، ليس ليتوب وكما توعده الله بالعذاب من ذي قبل (إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ) (٦٦) ، ثم (وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ).
ذلك ، فكلمة الكفر إضافة إلى باطنه ، تقلب الإنسان ظهر بطن ، فالحذر الحذر من حصائد الألسنة وكما عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم» (١)فإن أكثر معاثر الأقدام ، ومصارع الأنام هي من جرائر ألسنتهم عليهم ، وعواقب الأقوال السيئة التي تؤثر عنهم ، فالألسنة هي الزارعة وهي الحاصدة ما تزرعها.
(وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ)(٧٦).
معاهدة على شرط (لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ) فهم أنحس ممن (يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) (٢٢ : ١١) (فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) وأخذوا يعيشون على رغد عيش وطمأنينة جأش «بخلوا به» نقضا ل «لنصدقن» ثم (وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) نقضا ل (لَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ) وذلك من أنحس الخيانة الكافرة ، فهل هم بعد يوفّقون لتوبة حتى يتوب الله عليهم كما وعد (فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ)!.
ذلك ، وقد يجري بصورة خفيفة في غير المنافق من ضعيف في
__________________
(١) المجازات النبوية للسيد الشريف الرضي (٩٨).