إيمانه كثعلبة بن خاطب ومن أشبه (١) ولكن النص يحمل صورة ثقيلة لا تحمل مثل ثعلبة إلّا جريا في خفيفها.
ولأن تخلف العهد نفاق فيه ، ولا سيما إذا أضيف إليه الإعراض ، فقد يدوم ذلك النفاق عقابا معقبا :
(فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ (٧٧) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وَأَنَّ اللهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)(٧٨).
«فأعقبهم» ذلك النفاق الكافر ، ف «أعقبهم» الله ، بذلك (نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ) عريقا يبقى (إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ) أعقبهم (بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ) : إعقابا بإعقابهم عقابا هنا ، جزاء وفاقا ، (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
فكما الإيمان يعقب إيمانا على إيمان وهدى على هدى : (الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) كذلك الكفر والنفاق يعقبان كفرا ونفاقا على القلوب (إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ) فلا يوفقون لتوبة إذ صدت على قلوبهم منافذ النور إلى مهاوي النار : (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ).
__________________
(١) مجمع البيان قيل نزلت في ثعلبة بن خاطب وكان من الأنصار قال للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : ادع الله أن يرزقني مالا ، فقال : يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه أما لك في رسول الله أسوة حسنة؟ والذي نفسي بيده لو أردت أن تسير الجبال معي ذهبا وفضة لسارت ، ثم أتاه بعد ذلك فقال يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أدع الله أن يرزقني مالا والذي بعثك بالحق لئن رزقني مالا لأعطين كل ذي حقه حقه ، فقال :اللهم أرزق ثعلبة ، قال : فاتخذ غنما فنمت كما ينمى الدود فضاقت عليه المدينة فتنخى منها فنزل واديا من أوديتها ثم كثرت حتى تباعد عن المدينة فاشتغل بذلك عن الجمعة والجماعة فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المصدق ليأخذ الصدقة فأبى وبخل وقال : ما هذه إلا أخت الجزية ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يا ويل ثعلبة فأنزل الله عزّ وجلّ الآيات.