(وَما نَقَمُوا) من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والذين معه (إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ) بما حصلوا عليه من غنائم الغزوات وبسط الأمن والرياحة المعيشية في ظل الإسلام ، أفهذه هي السيئة التي قدمها لهم الإسلام حتى ينقمون منه هكذا؟.
وهنا «رسوله» كما مضى ليس يعني إلا رسالة البلاغ ، فلذلك أفرد الضمير لله بعد «رسوله» في «من فضله» ، ولأن الله لا يدخل في حساب العدد حتى يردف بغيره في عدّ ، كما أن (وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ) فقد تعني (أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ) : الله ، وهذا من مقابلة النعمة بالنقمة وما أنحسها وأشرسها من هؤلاء الأغباش الأنكاد!.
ذلك ، ثم أنظر إلى بالغة الرحمة وسابغتها الموعودة لهؤلاء الخونة إن
__________________
ـ بلغ ثم نزل انصرفنا إلى رحالنا وكان إلى جانب خبائي خباء نفر من قريش وهم ثلاثة ومعي حذيفة اليمان فسمعنا أحد الثلاثة وهو يقول : والله أن محمدا الأحمق إن يرى أن الأمر يستقيم لعلي من بعده ، وقال الآخرون أتجعله الأحمق ألم تعلم أنه مجنون قد كاد أنه يصرع عند امرأة ابن أبي كبشة ، وقال الثالث : دعوه إن شاء أن يكون أحمق وإن شاء أن يكون مجنونا والله ما يكون ما يقول أبدا فغضب حذيفة من مقالتهم فرفع جانب الخباء فأدخل رأسه إليهم وقال : فعلتموها ورسول الله بين أظهركم ، ووحي الله ينزل إليكم؟ والله لأخبرنه بكرة مقالتكم ، فقالوا له : يا عبد الله وانك لههنا وقد سمعت ما قلنا؟ أكتم علينا فإن لكل جوار أمانة ، فقال لهم : ما هذا من جوار الأمانة ولا مجالسها ، ما نصحت الله ورسوله إن أنا طويت عنه هذا الحديث ، فقالوا له : يا عبد الله فاصنع ما شئت لنحلفن انا لم نقل وانك قد كذبت علينا افتراه يصدقك ويكذبنا ونحن ثلاثة؟ فقال لهم : أما أنا فلا أبالي إذا أديت النصيحة إلى الله وإلى رسوله فقولوا ما شئتم أن تقولوا ، ثم مضى حتى أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي إلى جانب محتب بحمايل سيفه فأخبره بمقالة القوم فبعث إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتوه فقال لهم : ما ذا قلتم؟ فقالوا : والله ما قلنا شيئا فإن كنت أبلغت عنا شيئا فمكذوب علينا فهبط جبرئيل بهذه الآية : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ) وقال علي عند ذلك ليقولوا ما شاءوا والله إن قلبي بين أضلاعي وإن سيفي لفي عنقي ولأن هموا لأهمين فقال جبرئيل (عليه السلام) للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أخبر الأمر الذي هو كائن فأخبرني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا بما أخبر به جبرئيل فقال : إذا اصبر للمقادير.