المرهوب ، وأمثالهم من هؤلاء المذكورين وسواهم.
وهكذا تكون النفس المنحرفة المنجرفة إلى هوّات ، حيث تبطرها النعمة فتحوّل نعمة ونقمة ، ولا تنتفع بعظات الغابرين ولا تعتبر ، ولا تنفتح بصائرهم لإدراك سنة الله التي لا تتحول ، فلا تبصر مهاوي ومصارع الأقوياء الأغوياء قبلها.
هذه هي الضفّة المنافقة والكافرة ، ومن ثم الضفّة الإيمانية :
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٧١).
هذه الولاية هي ولاية المحبة والرقابة والنصرة التامة الطامة على بعضهم البعض ، أن يلي كل أمر الآخر في خطوات الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ـ دون الولاية الشرعية الخاصة بمدراء الشريعة ـ وفي نهاية المطاف وعند كمال الدعوة ومعرفة كاملة بالمعروف والمنكر ـ وشروط أخرى مفروضة التحصيل قدر المستطاع ـ (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) فكل فاعل منهم لمعروف وتارك لمنكر يأمر تارك هذا المعروف وينهي مقترف هذا المنكر ، وكما يأتمر فيما هو تاركه بفاعله وينتهي فيما هو فاعله بتاركه ، تآمرا بالمعروف وتناهيا عن المنكر ، فيكون كلّ مرآتا للآخر يرى صالحه فيريه إياه أمرا به ، ويرى طالحه فيريه إياه نهيا عنه ، دون تدخل لعوامل الفرقة بين صفوفهم ، فحيثما وجدت فرقة في هذه الجماعة المؤمنة فثمة تدخل عنصر غريب عن طبيعتها وعقيدتها ، وثمة غرض أو مرض يمنع السمة الأولى التي قررها العليم الخبير.
وهذه الصفات الخمس في المؤمنين : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقام الصلاة وإيتاء الزكوة وطاعة الله ورسوله ، هذه تقابل صفات للمنافقين : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف ونسيان الله وقبض الأيدي ، وعصيان الله.
وتلك الولاية هي قمة الولايات الإيمانية المحكمة المتحكمة بين