عنه ، ألبسه الله ثوب الذل وشملة البلاء ، وديّث بالصغار والقماء ، وضرب على قلبه بالإسهاب ، وأديل الحق منه بتضييع الجهاد وسيم الخسف ومنع النّصف ـ
ألا وإني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلا ونهارا وسرا وإعلانا ، وقلت لكم : أغزوهم قبل أن يغزوكم ، فو الله ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلّا ذلوا ، فتواكلتم وتخاذلتم ، حتى شنّت عليكم الغارات ، وملكت عليكم الأوطان ، وهذا أخو غامد وقد وردت خيله الأنبار وقد قتل حسان بن حسان البكري ، وأزال خيلكم عن مسالحها ، ولقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينتزع حجلها وقلبها وقلائدها ورغاثها ، ما تمنع منه إلا بالاسترجاع والاسترحام ، ثم انصرفوا وافرين ، ما نال رجلا منهم كلم ، ولا أريق لهم دم ، فلو أن إمرأ مسلما مات بعد هذا أسفا ما كان به ملوما ، بل كان به عندي جديرا ـ
فيا عجبا عجبا ، والله يميت القلب ويجلب الهمّ اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم ، فقبحا لكم وترحا حين صرتم غرضا يرمى ، يغار عليكم ولا تغيرون ، وتغرزون ولا تغرزون ، ويعصى الله وترضون ـ
فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم هذه حمّارة القيظ ، أمهلنا يسبّح عنا الحر ، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم هذه صبّارة القرّ ، أمهلنا ينسلخ عنا البرد ، كل هذا فرارا من الحر والقر ، فإذا كنتم من الحر والقر تفرون ، فأنتم والله من السيف أفرّ ـ
يا أشباه الرجال ولا رجال ، حلوم الأطفال ، وعقول ربات الحجال ، لوددت أني لم أركم ولم أعرفكم ، معرفة والله جرّت ندما ، وأعقبت سدما ، قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحا ، وشحنتم صدري غيظا ، وجرّعتموني نغب التهمام أنفاسا ، وأفسدتم عليّ رأيي بالعصيان والخذلان حتى قالت قريش : إن ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن لا علم له بالحرب ، لله أبوهم! وهل أحد منكم أشد لهما مراسا وأقدم فيها مقاما مني ، لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين ، وها أنا ذا قد ذرفت على