واقعة لا مرد لها.
وعزير هذا هو الذي جدد التوراة بعد اندراسه وانطماسه حيث كتبها من جديد بعد غائلة بنوكد نصّر : بخت النصر ـ ملك بابل ، حيث افتعل ما افتعل بهم وأحرق كتبهم ، وعند ما فتح «كورش» الملك الإيراني بابل شفع لهم عنده عزير فسمح له أن يعيدهم إلى بلادهم وأن يكتب لهم التوراة وقد مات مائة سنة ثم بعثه الله كما في آية البقرة : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ ..) ، فلذلك عظموه فاتخذوه ابنا لله تكريما له ـ بزعمهم ـ كريما لحد البنوة الإلهية المستحيلة! وظالما لم يكن زعم بنوته الإلهية منهم أجمع ، إلا أن جمعا منهم اتبعوا حملة ذلك المشعل ، وآخرون سكتوا ، ثم قلة باقية لم يكن لهم أمامهم صيت ولا صوت.
إذا ف (قالَتِ الْيَهُودُ) هي قالة لجمع منهم جميع دون الجميع ، وهكذا النصارى ، ولو لم تكن لهذه القالة واقع حاضر فيهم لكانت هذه تهمة تكفي في تزييف المواجهة القرآنية ، ولما سكتوا ـ إذا ـ عن تكذيبه ، فحيث الكثرة الكثيرة منهم انحرفوا هكذا عن حق التوحيد ، والقلة القليلة ما كانت أمامها تؤخذ بعين الإعتبار ، بل كانت تؤاخذ وتلاحق لما ذا تخلفت عن ذلك الاختلاف ، لذلك صح القول (وَقالَتِ الْيَهُودُ) (قالَتِ النَّصارى) إضافة إلى أن المواصفات المذكورة في الآية السالفة تضيق نطاق الموضوع هنا ، فهم إذا كفرة اليهود والنصارى كلهم ، و «اليهود» كما «النصارى» هما المعهودان بتلك المواصفات الكافرة ، فاللام ـ إذا ـ للعهد دون الجنس فضلا عن الاستغراق.
وهنا سرد لبنود من كفرهم بالله واليوم الآخر ، وأنهم لا يحرمون ما حرم
__________________
ـ تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) ويحتمل أن يكون قد سبقهم إليه غيرهم ولم ينقل إلينا ، روى ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال : أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سلام بن مشكم ونعمان بن أوفى وأبو أنس وشاس بن قيس ومالك بن الصيف فقالوا : كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا وأنت لا تزعم أن عزير ابن الله ..».