طائفة النفر للجهاد للحفاظ على الدينين ، فقه علمي للقاعدين ، وفقه عملي للنافرين ، ولكي يتفقه المؤمنون كلا الفقهين ، فعلى كلّ من القاعدين والنافرين أن يفقه الآخرين.
وعلى أية حال فالتفقه في الدين بحاجة إلى حركة فقهية سواء للقاعدين أو النافرين ، فإنه منهج حركي لا يفقه إلا من تحرك به ، لذلك نسمع الإمام الصادق (عليه السلام) يقول فيمن لزم بيته ولم يتعرف إلى أحد من إخوانه : وكيف يتفقه هذا في دينه؟.
فالفقاهة العملية التي ندرسها من خلال جبهات الحروب في سبيل الله هي من حصائل الفقاهة العلمية ، ثم الفقاهة العلمية هي أيضا بحاجة إلى فقاهة عملية تكافلا وتكاملا للمتفقه بين الفقاهتين.
نحن نجزم بالتجارب بأن الذين لا يندمجون في الفقه الحركي ، تفرغا لدراسة الدين في الكتب والحوزات بصورة باردة جامدة ، هؤلاء لم يتفقهوا في الدين كما يصح ، فكيف يقودون الحركة الإسلامية السامية في حقول الجهاد بمختلف صوره؟.
ثم التفقه في الدين لا يختص بالفقه الأصغر وهو فقه الأحكام ، بل والفقه الأكبر وهو أحرى من جهات شتى ، لأنه أصول المعارف الدينية ، وهي لا تقبل التقليد ، والتفقه في الفقه الأكبر يسهّل التفقه في الفقه الأصغر دون عكسه.
وهل الدين يختص بأحكامه الفرعية دون قواعده وأثافيّه حتى يختص التفقه في الدين بها دونها؟ ولأن الفقه هو التوصل بعلم حاضر إلى علم غائب فالتفقه إذا هو التكلّف في هذا الحقل قدر المستطاع ، ف
«تفقهوا في الدين فإنه من لم يتفقه في الدين فهو أعرابي» (١).
__________________
(١) الكافي عن الإمام الصادق (عليه السلام) وفيه عن المفضل بن عمر قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : عليكم بالتفقه في دين الله ولا تكونوا أعرابا فإنه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزك له عملا ، وفيه عن أبان بن تغلب ـ