(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)(٣٦).
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ) لكل سنة (عِنْدَ اللهِ) قرارا تكوينيا وآخر تشريعيا (اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ) في تكوينه وتشريعه ، منذ (يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) وأدار الأرض والشمس والقمر ، عوامل حركية ثلاثة لمظاهر الزمن أياما وشهورا وسنين (مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ).
ذلك ، وأساس هذه الشهور هي الأهلة دون الشهور الشمسية ، فقد (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) (٢ : ١٨٩) كما والشهر بمختلف صيغة الواردة في القرآن عشرين مرة أخرى لا يعني به إلّا القمري لا سواه ، ومن نصوصها (شَهْرُ رَمَضانَ) (٢ : ١٨٥).
ذلك ، وقد تتأيد عناية القمرية منها بأن حساب الشهور الشمسية حديث ، وهنا (يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) يحول عدة الشهور إلى بداية الخلق.
وهنا (كِتابِ اللهِ) هو أولا كتاب التكوين لمكان (يَوْمَ خَلَقَ ..) ثم التشريع على هامشه في كل شرائع الله ، لا فقط الشرعة القرآنية.
وهكذا (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) (١٠ : ٥) حيث قرر تقدير منازل القمر وسيلة ظاهرة محسوسة لمعرفة السنين والحساب.
وهنا المناسبة لهذه المحاسبة الثقيلة أن المؤمنين أمروا بجهاد الروم وحلفاءهم من نصارى العرب في شمال الجزيرة ـ غزوة تبوك ـ وكان ذلك في رجب المنسأ وهو جمادى الآخرة ولكن ملابسة ماكرة كانت تمنع عن هذه الغزوة وهي أن رجب في هذا العام لم يكن بسبب النسيء في موعده الحقيقي بحساب الأشهر القمرية ، فكأن رجب كان في جمادى الآخرة ، أو كان محرما كان في صفر ، على اختلاف بين رجب ومحرم من حيث