الأرض القريبة منا وهي كما السماوات مرفوعة في جوها بغير عمد ترونها؟
لأن رفع السماء وبقاءها في جو الفضاء بغير عمد ترونها معلوم لكل ناظر إليها ، ولكنما الأرض ـ على كونها معلقة في جو الفضاء كما السماء ـ لم تكن ظاهرة التعلق والعلقة ، إذ كانوا يزعمونها ولحد الآن مستقرة على دعامة ، مهما دلت على كونها معلقة آيات عدة وروايات مسرودة في محالها ، مؤيّدة للعلم ، ومتأيدة به لغير ذوي العلم ، ومن آياتها هي الجامعة بينهما كآية الإمساك : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (٣٥ : ٤١) وإمساكهما بعد زوالها دون خلقهما مرة أخرى يدلنا أن زوالهما هو تساقطهما عن محالهما ، دون انعدامهما ، فكما السماوات بحاجة إلى إمساك عن السقوط كذلك الأرض.
ولأن دخان السماء رفع قبل تسبيعها : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ ... فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ ..) (٤١ : ١٢) إذا فرفع السماوات رفع ثان لذلك الدخان اقتساما له إلى سبع وجعله طباقا فوق بعض ، وفي ذلك الرفع الرفيع خلق الأنجم لأنه تكملة لبناء السبع الطباق وبعده استواء لله على عرش الملك والتدبير.
(.. ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) مما يؤكد خلقهما في ذلك الرفع ، وهما من أنجم المجرة الأدنى إلى أرضنا (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) وهو أجل قيامتهما ضمن القيامة العامة الطامة (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) في السماوات والأرض وما بينهما (يُفَصِّلُ الْآياتِ) تكوينا وتدوينا وكل ذلك (لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) لقاء المعرفة في الأولى والأخرى ، ولقاء الجزاء يوم الجزاء.
لقد فصلنا القول حول العرش في طيات آياتها الأنسب وأنه كناية عن السلطة