ثم مخلصة معصومة بعصمة إلهية ، وهذه رحمة خاصة تخص المخلصين ، وقبلها عامة تعم المخلصين ، ويوسف من الأوّلين (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ) والرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو إمام المخلصين (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) لحد يقول عن نفسه «شيطاني أسلم بيدي ـ جزناها وهي خامدة».
ف (إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي) استثناء متصل يعني إلّا النفس التي رحمها ربي فليست أمارة ولا آمرة بالسوء بل لوامة أو مطمئنة : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي).
وليست لنا إلّا إحدى هذه الثلاث ، وهي مختلفة حالات الروح ، واجتماعها في هذه الحالات ، ام تعددها كل بحالتها ، ذلك اجتماع الأضداد المتنافرة ، أو المحالات المتهاترة.
(وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها ، فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) وأمثالها هي من براهين وحدتها دون تعدد في ذواتها ، ولا اجتماع في حالاتها!.
ثم ومع الأسى نرى هنا كما هنالك ترسم أيدي الخيانة ما يمس من كرامة الصديق وليضرب عرض الحائط لمخالفته كتاب الله المصرح في آيات عدة ببرائة يوسف ويراعته (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٢٣ عن أبي صالح في الآية قال : هذا قول يوسف (عليه السلام) لم يخن العزيز في امرأته ، فقال له جبرائيل : ولا حين حللت السراويل؟ فقال يوسف (عليه السلام): (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي ..) أقول أليس حل السراويل للعزيزة بغيب العزيز خيانة ، ثم وفي القيلة المنسوبة الى جبرائيل تكذيب لقول يوسف اضافة الى تهمة الخيانة! والصحيح ما أخرجه ابن أبي حاتم وابو الشيخ عن الحسن في الآية قال : خشي نبي الله ان يكون زكى نفسه قال : (وما أبرئ نفسي) الآية.