في المجاهدين المسلمين حق جهاده : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ ..) (٢٢ : ٧٨) وكما في إتمام النعمة هنا (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ) حيث النعمة درجات فإتمامها أيضا درجات ، وقد فضل آل يعقوب على سائر الآل لاجتباء الأنبياء منهم لا أنهم كلهم أنبياء.
وحتى فيما يذكر الاجتباء في جماعة الأنبياء ، ليس ليدخل فيهم غيرهم ، وكما تذكر جماعة من الأنبياء الابراهيميين بأسمائهم وجماعة أخرى جملة : (وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٦ : ٨٧).
هذا هو الاجتباء قرآنيا ، وهو يجاوبه لغويا فإنه جمع على طريق الاصطفاء ، ولا اصطفاء إلّا في الأنبياء ، يقال : جبيت الماء في الحوض جمعته ، والحوض الجامع له جابية ، وجمعها جواب (وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ).
وكأن الاجتباء في الأنبياء يعني جمع الشمل ، تحفظا عن تفرق الأفكار في متفرق السبل المفرقة عن سبيله ، وتجميعا لها وتوحيدا وتوطيدا على صراط مستقيم ، بعد ما جمعت لهم خاصة النعم الربانية في نعيم مقيم.
ثم (وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) موهبة له ثانية بعد اجتباءه بالنبوة ، والتأويل هو الإرجاع ، فليس إلّا فيما له مرجع في مبدء أو منتهى أم بينهما ، يرجع إليه الحديث المتشابه ، حيث لا ينبئ ظاهره عن باطنه ، بداية ونهاية وبينهما ، وهذا هو غاية التشابه ألا يظهر الحديث مرجعه في مثلثه.
ثم الحديث هو كل حادث بمظاهره وآياته كما الله حديث (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ) ام بذاته وتطوراته كما في كل حادث ،