ف (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
إن في مدّ الأرض وجعل الرواسي والأنهار فيها ، وجعل الزوجين من كل الثمرات فيها ، وأغشاء الليل النهار ، إن في ذلك المربع الربيع «لآيات» عدة (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) في آيات العلم والقدرة والحكمة والرحمة الواسعة!.
فعلى مدّ الزمن وتمديد الأفكار زمنا بعد زمن تظهر آيات تلو آيات من هذا الكون البارع البديع لقوم يتفكرون ، فيزدادوا على ضوءها معرفة برب العالمين ، حيث العلم في توسّعه الدائب هو من خدام الإيمان لو لم يخلد إلى الأرض اتباعا للأهواء.
ولنقف هنا وقفة متأملة متعملة أمام تلك التقابلات الفنية في ذلك المشهد الرائع البديع ، بين مدّ الأرض والرواسي والأنهار والزوجين من كل الثمرات وتلاحق الليل والنهار في إغشاء بطلب حثيث ، من ثم إلى قطع الأرض :
(وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٤)
أرض واحدة هي (قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) على كونها قطعة ورقعة واحدة فما هو رمز الكثرة المتجاورة؟
لأنها حسب الحالات والأثرات ليست واحدة ، فمنها السبخة النكدة ، ومنها الجدبة المقفرة ، ومنها صخرة صلدة ، ومنها رخوة لينة ، ومن ثم هي بين عامرة وغامرة ، ريانة وعطشانة ، حية مزروعة ومهملة ميتة أمّاهيه ، وكلها أرض واحدة ، تقابلات فنية في لوحة واحدة بقطع