الآن الذي فيه أول وجود الميل الثاني ، فليس هو الآن الذي فيه آخر وجود الميل الأول ، إذ هو آخر وجود الميل الأول (١) الذي بينا أنه (٢) يكون فيه موجودا عند ما يكون موصلا. فإن كان يوجد موصلا زمانا ، فقد صح السكون وإن كان لا يوجد موصلا إلا آنا ، فليس ذلك الآن آخر ، إلا أن (٣) يكون ما هو له آخر موجودا فيه ، إذ ما هو له آخر هو موصل ، والموصل لا يكون موصا وهو غير حاصل ، وإنما لم يكن الآنان (٤) واحدا ، لأن لشيء لا يكون فى طبيعته (٥) ما يوجب الحصول وما يوجب اللاحصول معا ، فتكون طباعه تقتضى أن يكون فيه اقتضاء بالفعل وأن لا يكون (٦) اقتضاء بالفعل. فإذن آن آخر (٧) الميل الأول غير آن أول (٨) الميل (٩) الثاني.
ولا تصغ إلى من يقول إن الميلين يجتمعان ، فكيف يمكن أن يكون شيء فيه بالفعل مدافعة جهة أو لزومها ، وفيه بالفعل التنحى عنها ، فلا يظن أن الحجر المرمى إلى فوق فيه ميل إلى أسفل البتة ، بل مبدأ من شأنه أن يحدث ذلك الميل إذا زال العائق (١٠) ، وقد يغلب كما أن فى الماء قوة ومبدأ يحدث البرد فى جوهر الماء إذا زال عائق (١١) ، وقد (١٢) يغلب كما (١٣) تعلم.
فقد بان أن الآنين متباينان ، وبين كل آنين زمان ، والأشبه أن يكون الموصل يبقى موصلا زمانا ، لكننا (١٤) أخذناه موصلا آنا ليكون أقرب من الموجب لعدم السكون (١٥) ، فقد انحلت الشبه ، وتول أنت بنفسك بناء حجج العلم الأول على هذا الأصل.
__________________
(١) الأول : ساقطة من م
(٢) أنه : أن ط.
(٣) أن : ساقطة من سا ، ط ، م.
(٤) الآنان : الآنات سا ، م.
(٥) طبيعته : طبيعة م.
(٦) لا يكون : + فيه م
(٧) آن آخر : آخر آن سا ، ط ، م
(٨) آن أول : أول آن ، ط ، م سا
(٩) الميل : ميل ط.
(١٠) العائق : عائق سا ، ط ، م.
(١١) وقد ... عائق : ساقطة من د
(١٢) وقد : قد ط.
(١٣) كما : وكما ط.
(١٤) لكننا : لكنا سا ، ط.
(١٥) السكون : الشكوك سا.