يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً) (٤ : ٩٩) هذا السماح ليس ظلما وتسوية ، واما السماح عن اي ظلم بالنسبة للخلق دونما أي مقابل فهو ظلم بعيد عن ساحة العدل الرباني.
و (حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) تعني الرسالة البالغة الى المكلفين بأحد شطريها ، ثم الثلاث الاخرى كذلك البالغة الى مكلفيها ،
ففي كل رسالة بالغة على حدها حجة ، وفي التخلف عنها جواز او وجوب العذاب ، من دنيوي بسيط الى برزخي بمراتبه ، إلى أخروي كذلك ، والى عذاب الاستئصال في الدنيا اضافة الى الاخرى.
ثم وبعث الرسول يحمل أمرين : بلوغ المرسل إليهم وبلاغ الرسالة ، حيث الرسالة الى غير البالغ قاصرة المفعول ، والرسالة غير البالغة الى البالغين ليست رسالة ، وكما للبلوغ درجات كذلك للرسالة الى البالغين درجات ، والثواب والعقاب يقدران على قدر الدرجات : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) (٦ : ١٩) : بلغ هو وبلغته الرسالة.
والبلاغ يتطلب أمرين : بلوغ المبلّغ إليه عقلا فتكليفا ، ووصول الرسالة اليه واضحا وبليغا ، لذلك فمن الناس من ليس عليه اي تكليف كالمجانين ، ومنهم من يكلفون تكاليف حسية دنيوية كما يعقلون ، كالصغار العقلاء ، ومنهم من يكلفون كذلك وقسما من الأخروية دون إطلاق كالسفهاء وسائر المستضعفين ، والأخيران عسى الله ان يعفو عنهم إذا لم تكن السفاهة والاستضعاف بذات أيديهم وتقصير منهم ، حيث التقصير أيا كان يتطلب جزاء على قدره ف (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً. إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً