وأما اختصاصه بالمترفين؟ فلان الأوامر تختلف حسب الظروف والقابليات والمتطلبات فردية وجماهيرية ، والمترفون وهم المتوسعون في نعمة حيث يبدلونها نعمة ونقمة ، في دولة او دولة ، في مال او منال في أنفس أو أموال أو احوال ، هؤلاء هم البغاة الطغاة في الأغلبية الساحقة ، فالأوامر المتجهة إليهم هي غير ما يوجه إلى غيرهم ، إذ لا يؤمر بشيء إلا من عنده ذلك الشيء وليس لغير المترفين ترف حتى يؤمروا في ترفهم سلبا لطغوى الترف وإيجابا لتقواه ، ففي ائتمارهم اعتمار القرى وتعميرها ، وفي فسقهم اضطرارها وتدميرها.
فالمترفون هم الذين وسع الله عليهم في نعم امتحانا وامتهانا إذ كذبوا بلقاء الآخرة : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) (٢٣ : ٣٣) فلا يترف في نعمة إلا من يتطرف في اللامبالات ثم يزداد عتوا ونفورا : (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ) (١١ : ١١٦) كانوا قبل ان يترفوا مجرمين ، مجتنين ثمرات الحياة الى الحيونات فاتبعوا ما أترفوا فيه فكانوا أظلم وأطغى ، فهم الناكرون دوما للرسالات : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) (٣٤ : ٣٤) (... إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) (٤٣ : ٢٤) (.... حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ) (٢٣ : ٦٤) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ. لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسا)كِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ. قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ) (٢١ : ١٥).
٣ ـ وترى هؤلاء المترفون يستحقون بفسقهم التدمير ، فما ذنب سائر اهل القرية يشملهم عذاب التدمير ، وهناك قرى يخص تدميرها بمترفيها : (... وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ) (١١ : ١١٦)؟.