رزقه أن ينفق على من قدر عليه ولكنه بقدر ، دون ان تجعل نفسك في تهلكة لكي تنفق على غيرك.
انه يبسط ويقدر ، وإنه يأمر بالإنفاق (إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) يبسط ويقدر بخبرة وبصيرة ، ويأمر بالإنفاق الوسط خبرة وبصيرة ، وينهى عن الإسراف والتبذير والتقتير عن خبرة وبصيرة ، فليس على العباد إلا الائتمار بأمره والانتهاء بنهيه ، لا أن يسبقوه ببسط لم يفعله هو ولم يأمر ، ولا أن يعصوه في تقتير لم يفعله ونهى عنه ، فان الله تعالى : «قدر الأرزاق فكثرها وقللها وقسمها على الضيق والسعة فعدل فيها ليبتلي من أراد بميسورها ومعسورها وليختبر بذلك الشكر والصبر من غنيها وفقيرها» (١).
هنا لك واجبات مالية كضرائب مستقيمة ، وأخرى غير مستقيمة كالانفاق للمحاويج الذين لا يجدون بلغتهم ، ومن ثم حرام أن تكنز أموالا وسبيل الله بحاجة إليها ، ثم لا واجب عليك أن تسوي بينك وبين الفقراء ، فالممنوع عدم الإنفاق أو انفاق كل ما تملك ، واما ان تنفق الزائد عن حاجياتك الضرورية فلا يجب إلا في حالات ضرورية.
والعفو في آية العفو هو راجح الإنفاق ، واجبا كان أم راجحا ، انفاق الزائد عن الحاجة الضرورية وهو وسط الإنفاق ، فانفاق الزائد كله وسط أعلى ، وانفاق الزائد بعضه وسط أوسط ، إذ يشمل الضرائب المستقيمة وغير المستقيمة ، وعدم انفاق الزائد جعل لليد مغلولة على العنق ، وانفاق الكل حتى الحاجة الضرورية هو بسطها كل البسط ، فتقعد في غلها وبسطها ملوما محسورا ، والإنفاق الوسط أيا كان يجعلك محمودا محبورا.
لا تجد النبي ولا أحدا من المعصومين يجبرون او يأمرون الأثرياء من
__________________
(١) نهج البلاغة عن الإمام علي (عليه السلام).