ان ذرات الكون أيا كان تنتفض روحا حية حيث تنبض بالحياة في تسبيح الله ، فالكون كله حركة وحياة ، وكله تسبحة لله ، محراب واسع تسجد فيه الكائنات لربها ، وجدان الإنسان يرتعش وهو يستشعر كونه غارقا في السبحات ، وهو غارق في الشهوات ، غافل عن الله (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) فالأمانة العامة التي نعرفها في الكون كله هي تسبيحه بالحمد ، فقد أداها الكون كله وحملها وخانها الإنسان بظلمه وجهله ، ف «ما تستقل الشمس فيبقى شيء من خلق الله تعالى إلا سبح الله بحمده إلا ما كان من الشيطان وأغنياء بني آدم» (١).
ترى ما هذا التسبيح الشامل لكل شيء ، هل هو قول عن اعتقاد بعمل : مثلث التسبيح الكامل؟ ولا نسمع إلّا الإنسان المسبّح! ام هو التسبيح التكويني لا عن شعور وادراك إلا لذوي الشعور؟ والتسبيح فعل لمن يسبح وهو بحاجة الى شعور مّا واختيار! والاستدلال بإتقان الصنع من العقلاء ظرف لتسبيح العقلاء والكون موضع لهذا الظرف ، لا أنه المسبّح لو لا شعوره بنفسه! ومن ثم (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) تعريف بكيان هذا التسبيح أنه لا يفقه للإنسان الفقيه دقائق من العلوم الخفية ، فهل الاستدلال بالكون على المكون وكيانه لا ينال للإنسان وإن فكر ما فكر ودبر
__________________
ـ از جمادي در جهان جان رويد |
|
غلغل اجزاى عالم بشنويد |
فاش تسبيح جمادات آيدت |
|
وسوسة تأويلها بربايدت |
چون ندارد جان تو قنديلها |
|
بهر بينش كرده إي تأويلها |
كه غرض تسبيح ظاهر كي بود |
|
دعوى ديدن خيال وغي بود |
يس چه از تسبيح يادت مى دهد |
|
آن دلالت همچو كفتن مى شود |
اين بود تأويل أهل اعتزال |
|
وواى آن كس كو ندارد نور حال |
(١). الدر المنثور ٤ : اخرج ابن مردويه عن عمرو بن عبسة عن رسول الله (ص) قال ...