و (إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) محطّه تغافل الإنسان عن تسبيحه بحمده بين سائر الكون ما لم يصل إلى الشرك والنفاق : وكما في آية الأمانة : ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما.
وكذلك (لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) فعدم فقهه علميا قصور معذور ، ولكن تركه عمليا وعدم مجاراة الكون في التسبيح بالحمد تقصيرا محظور ، وفي سواه معذور.
(وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً (٤٥) وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ (١) فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً)(٤٦).
(وَإِذا قَرَأْتَ) تعني الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومن ثمّ من معه ، الذين يقرءون القرآن قرائته (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فليس كل قارئ للقرآن يجعل الله بينه وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ، فرب تال للقرآن والقرآن يلعنه ، وليس (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) هم كل الكفرة ، وانما هم الذين (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٢ : ٦) فهم يستهزئون او يهاجمون على قارئ القرآن فالقرآن حفاظ على قارئيه إن كانوا يقرءون كما كان الرسول يقرء او قريبا منه ، كل قدره.
هنا بين قارئ القرآن وبين الكفار حجاب مثلث : على أعينهم فلا يرونه ، وعلى آذانهم فلا يسمعونه وعلى قلوبهم فلا يفقهونه ، لأنهم (لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) : (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ، بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ. وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ) (٤١ : ٥).