وليست الجزاء إلّا بالعمل اللهم إلّا في النية الحسنة ولمّا تصل الى العمل ام لا يصل عذرا ، فلا عقوبة على النية السيئة خلاف ما يروى (١) اللهم إلّا على العقائد السيئة فانها من اعمال القلوب.
ولان الآية تأتي بعد الايمان والظلم اللّاإيمان المختلفان فيمن وجّه إليهم القرآن ، فليكونا عملا يستتبع الشفاء والرحمة او الشقاء والخسار والزحمة ، عملا يتبنى السريرة النية.
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)(٨٥).
نجد الروح في سائر القرآن ـ اي روح كان ـ تذكر في واحد وعشرين موضعا ، يجمعها معنويا : ما به الحياة ، على مختلف درجات الحياة ومجالاتها ، من روح الإنسان : (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) (٣٢ : ٩٠)(٢) وروح الايمان : (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) (٥٨ : ٢٢)
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٢١٤ ح ٤١٨ علي بن ابراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن المنقري عن احمد بن يونس عن أبي هاشم قال : قال ابو عبد الله (عليه السلام): انما خلد اهل النار في النار لأن نياتهم كانت في الدنيا ان لو خلدوا فيها ان يعصوا الله ابدا وانما خلد اهل الجنة في الجنة لأن نياتهم كانت في الدنيا ان لو بقوا فيها ان يطيعوا الله ابدا فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء ثم تلا قوله تعالى (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ).
أقول : قد فصلنا البحث عن الخلود وحدوده في بابه أوائل هذه السورة وفي النبأ ، وهنا أقول ليس المخلدون في النار كلهم على هذه النية ولا المخلدون في الجنة ، والآيات الحاصرة الجزاء بالعمل تنافي العقوبة على النية ، وإما الثواب على النية فمن فضل الله!.
(٢) كما وفي : «وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ» (١٥ : ٢٩ و ٣٨ : ٧٢).