منها التبيين انه من امر الله لا من أمره دون ودع ولا قلى : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى ...) ولئن شاء لذهب بكل الذي اوحى اليه من روح النبوة والوحي ولكنه لا يشاء حيث اصطفاه برسالته على علم.
فربه هو يقرءه وحيه وهو الذي يبقيه ولا ينسيه (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) وهو الذي يسدده دوما حتى لا يكاد يركن الى غيره ولو شيئا قليلا (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) إذا ف (الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) لا أمري فضلا عن غيري!.
إن الروح الأمين هو من أمره وينزّل بالروح إليك من أمره ، فليس هنا وهناك في امر الوحي إلّا أمره لا سواه.
إنه تعالى لا يريد ولن ان يذهب بالذي أوحى اليه «وقد يعلم ما لا يريده ابدا» (١) «وان كان قادرا على ما لا يريده ابدا» (٢).
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٢١٩ ح ٤٤٠ في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا (ع) مع سليمان المروزي حديث طويل وفيه قال الرضا (ع): يا جاهل فإذا علم الشيء فقد اراده؟ قال سليمان : اجل ـ قال : فإذا لم يرده لم يعلمه؟ قال سليمان : اجل ، قال : من اين قلت ذاك وما الدليل ان ارادته علمه وقد يعلم ما لا يريده ابدا وذلك قوله : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) فهو يعلم كيف يذهب ولا يذهب به ابدا؟ قال سليمان : لأنه قد فرغ من الأمر فليس يزيد فيه شيئا ، قال الرضا (ع) : هذا قول اليهود فكيف قال : ادعوني استجب لكم «قال سليمان : انما عنى بذلك انه قادر عليه ، قال : أفيعد ما لا يفي به؟ قال (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) وقال عز وجل : يمحو الله ما يشاء ويثبت عنده علم الكتاب وقد فرغ من الأمر؟ فلم يحر جوابا وفي كتاب التوحيد مثله سواء.
(٢) المصدر ح ٤٤١ في كتاب الاجتماع للطبرسي عن الرضا (ع) حديث طويل وفي آخره قال سليمان ان الارادة هي القدرة ، قال الرضا (ع) وهو يقدر على ما لا يريد ابدا لا بد من ذلك لأنه قال تبارك وتعالى (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) فلو كانت الارادة هي القدرة كان قد أراد أن يذهب به بقدرته ، فانقطع سليمان ...