وفيما لو ذهب بالذي اوحي اليه من روح النبوة او روح الوحي (لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً) توكله او يتوكل عنك في استرجاعه (إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) هي الوكيل لك لا سواها ف «إن الله غالب على امره» والروح من أمره! (إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً) كما استمر في وحيه عليك بعد انقطاعه ردحا من الزمن دون ودع ولا قلى.
واما انقطاعه لودع او قلى حيث هما في خيانة الرسالة لا سواها : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ) فانه انقطاع دائب لا رجوع فيه ولا رحمة تعتريه : (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ ...) (٦٩ : ٤٦)!
ولكنه ليس بالذي يخون في رسالته او يزيغ (١) او يخطر بخلده ، وليس الله ليبعث من يخون.
وحين يتهدد ربّنا رسوله بذهاب ما اوحى إليه لو زاغ ، فهل يشمل ذلك التهديد الأمة الاسلامية ان يذهب بالقرآن من بينهم وحتى من صدورهم إذا خانوا وزاغوا وكما يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٢٠٠ ـ اخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس قال لما قدم وفد اليمن على رسول الله (ص) فقالوا : أبيت اللعن؟ فقال رسول الله (ص) سبحان الله انما يقال هذا للملك ولست ملكا أنا محمد بن عبد الله! فقالوا : انا لا ندعوك باسمك ـ قال : فانا ابو القاسم ، فقالوا : يا أبا القاسم انا قد خبأنا لك خبيئا ـ فقال : سبحان الله انما يفعل هذا بالكاهن والكاهن والمكتهن والكهانة في النار فقال أحدهم فمن يشهد لك انك رسول الله فضرب بيده الى حفنته حصا فأخذها فقال : هذا يشهد اني رسول الله ، فسبّحن في يده فقلن نشهد انك رسول الله فقالوا : أسمعنا بعض ما انزل عليك فقرء والصافات صفا حتى انتهى الى قوله : فاتبعه شهاب ثاقب ، فانه لساكن ما ينبض منه عرق وان دموعه لتسبقه الى لحيته فقالوا : انا نراك تبكي امن خوف الذي بعثك تبكي؟ قال : بل من خوف الذي بعثني ابكي ، انه بعثني على طريق مثل حد السيف ان زغت عنه هلكت ثم قرأ (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً).