وفي الحق ان هؤلاء الحماقي الطغاة ما تطلّبوا هذه السبعة وأضرابها طلبا للحجة ووصولا الى المحجة ، وانما إفحاما على الرسول فيما تعنتوا حيث يقول قادتهم «لقد استفحم أمر محمد وعظم خطبه فتعالوا نبدأ بتقريعه وتبكيته وتوبيخه والإحتجاج عليه وإبطال ما جاء به ليهون خطبه على أصحابه ويصغر قدره فلعله ينزع عما هو فيه من غيه وباطله وتمرده وطغيانه ، فان انتهى وإلا عاملناه بالسيف الباتر» (١).
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٢٢١ ح ٤٤٦ في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أبي محمد الحسن العسكري (ع) قال : قلت لأبي علي بن محمد (ع) هل كان رسول الله (ص) يناظر اليهود والمشركين إذا عاتبوه ويحاجهم؟ قال : مرارا كثيرة ـ ان رسول الله (ص) كان قاعدا ذات يوم بمكة بفضاء الكعبة إذا اجتمع جماعة من رؤساء قريش منهم الوليد بن المغيرة المخزومي وابو البختري بن هشام وابو جهل بن هشام والعاص بن وائل السهمي وعبد الله بن امية المخزومي وكان معهم جمع ممن يليهم كثير ورسول الله (ص) في نفر من أصحابه يقرء عليهم كتاب الله ويؤدي إليهم عن الله امره ونهيه فقال المشركون بعضهم لبعض : لقد استفحم امر محمد ... قال ابو جهل : فمن الذي يلي كلامه ومجادلته؟ قال عبد الله بن امية المخزومي ، انا الى ذلك ، أما ترضاني له قرنا حسيبا ومجادلا كفيا؟ قال ابو جهل : بلى ـ فاتوه بأجمعهم فابتدأ عبد الله بن امية المخزومي فقال : يا محمد! لقد ادعيت دعوى عظيمة وقلت مقالا هائلا! زعمت انك رسول رب العالمين وما ينبغي لرب العالمين وخالق الخلق أجمعين ان يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا يأكل كما نأكل ويمشي في الأسواق كما نمشي ، فهذا ملك الروم وهذا ملك الفرس لا يبعثان رسولا الا كثير مال عظيم حال له قصور ودور وفساطيط وخيام وعبيد وخدام ، ورب العالمين فوق هؤلاء كلهم فهم عبيده ، ولو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك ونشاهده ، بل لو أراد الله ان يبعث إلينا لكان انما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا ، ما أنت يا محمد الا مسحور ولست بنبي.
فقال رسول الله (ص) هل بقي من كلامك شيء؟ قال : بلى ـ لو أراد الله ان يبعث إلينا رسولا لبعث اجل من فيما بيننا مالا وأحسنه حالا ، فهلا نزل هذا القرآن الذي تزعم ان الله أنزله عليك وابتعثك به رسولا على رجل من القريتين عظيم : اما الوليد بن المغيرة بمكة واما عروة بن مسعود الثقفي بالطائف؟ فقال رسول الله (ص) هل بقي من كلامك شيء يا عبد الله! فقال : بلى : لن نؤمن لك حتى تفجر لنا ...