(وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) (٢٣ : ٣٤) (فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً (١) نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) (٥٤ : ٢٤) (فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ) (٢٣ : ٤٧).
فلانهم لم يدركوا قيمة البشر وانه في احسن تقويم ، فاستكثروا على بشر ان يكون رسولا الى بشر! وهذه سنة الله الدائبة التي لا تتبدل : ضرورة المجانسة بين الرسول والمرسل إليهم ، إتماما للحجة وقطعا للمعاذير ، فهي رحمة ومنّة إلهية ان بعث الله الى البشر بشرا كما الى الجن جنا ام من ذا؟ (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) (٦ : ١٣٠). فانما رسول الإنسان انسان ورسول الجان جان كما رسول الملك ملك.
(قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً)(٩٥).
ومع غض النظر عن ضرورة المجانسة فالملك الرسول الى بشر يجب ان يباشر البشر ، والملك على كونه ملكا لا يرى فالواجب إذا ان يظهر بمظهر البشر ، فأنتم ترونه بشرا وليس ببشر! فما ذا أفادكم هذا المظهر إلّا ضررا في عدم المجانسة : (وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ) (٦ : ٩) فعادت النتيجة الى ضرورة المجانسة رؤية وإتماما للحجة.
وترى هذه ضرورة ، فلما ذا الجن يرسل له بشر ، أليس محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) رسولا الى الجن والبشر وسواهما من العاملين؟
ان رسالة الرسول الى غير بشر ثانوية وبواسطة غير بشر ، فكما ان الرسول الى الرسول البشر ملك لا بشر ، كذلك الرسول الى رسول الجن