وكما فتنوا في العهد المدني بغزوات وبكتلة النفاق ، ثم فتنوا برحلة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في قصة الخلافة الخلاعة ، ولقد «جاء العباس إلى امير المؤمنين (عليه السلام) فقال انطلق بنا نبايع لك الناس ، فقال (عليه السلام) أو تراهم فاعلون؟ قال : نعم ـ قال : فأين قوله عز وجل : (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا ... وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) (١) ومن أشد الفتنة ما حصلت وتحصل بعد رسول الله (صلى الله
__________________
ـ لعنه الله يعذب عمار بن ياسر وامه ويجعل على عمار درعا من حديد في اليوم الصائف وطعن في حيا أمه برمح ففي ذلك نزلت هذه الآية ، وفيه اخرج ابن ماجة وابن مردويه عن ابن مسعود قال : اوّل من اظهر إسلامه سبعه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وابو بكر وسمية ام عمار وعمار وصهيب وبلال والمقداد فاما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فمنعه الله بعمه أبي طالب واما ابو بكر فمنعه الله بقومه واما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم درع الحديد وصهروهم في الشمس فما منهم احد إلّا وقد أتاهم على ما أرادوا إلا بلالا فانه هانت عليه نفسه في الله وهان على قومه فأخذوه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول أحد أحد».
أقول : تركهم هنا عليا (عليه السلام) وهو اوّل من اسلم خيانة تاريخية ، ثم «أتاهم على ما أرادوا» تعني التقية حتى لا يقتلوا وكان الفوز بينهم لبلال!.
(١) نور الثقلين ٤ : ١٤٧ في تفسير القمي حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن (عليه السلام) قال : ... وفي مجمع البيان عند قوله تعالى (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً) وفي تفسير الكلبي انه لما نزلت هذه الآية قام النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فتوضأ وأسبغ ثم قام وصلى فأحسن صلاته ثم سأل الله سبحانه ان لا يبعث عذابا من فوقهم أو من تحت أرجلهم أو يلبسهم شيعا ولا يذيق بعضهم بأس بعض فنزل جبرئيل (عليه السلام) ولم يجرهم من الخصلتين الأخيرتين فقال (عليه السلام) : يا جبرئيل ما بقاء امتي مع قتل بعضهم بعضا؟ فقام وعاد إلى الدعاء فنزل : (الم أَحَسِبَ النَّاسُ ..) الآيتين فقال لا بد من فتنة تبتلى بها الأمة بعد نبيها ليتعين الصادق من الكاذب لأن الوحي انقطع وبقي السيف وافتراق الكلمة الى يوم القيامة.