وعلى الثاني ، ثم كان التكذيب بآيات الله عاقبة الذين أسئوا السوأى ، ان خلّفت سوآهم في سيئاتهم أن كذبوا بآيات الله.
ولكن «السوأى» لا تصلح مفعولا ل «أساءوا» فانها لا تساء إلّا تحصيلا للحاصل بل الأحصل ، ثم التأنيث لا يناسب المقام ، بل هو ـ إن صح ـ أساء الأسوء ، اي : عملوا الأسوء ، كما (لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ).
فالتعبير الصحيح الفصيح عن مفعولية «السوأى» هو «عملوا الأسوء» تبديلا لكل من الفعل والمفعول ، ثم يبقى ـ إذا ـ (وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ) عطفا لا يناسب السبب «ان كذبوا» لأنه مع «السوأى» ردفا مفعوليا ، لا مع «كذبوا» ردفا سببيا.
إذا فالاسمية لها هي المتعينة ، ان الحياة السوأى هي عاقبتهم في رجعة ثم برزخ ثم القيامة الكبرى ، رغم ان الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون ، وقد بدلوها بسوأى الحياة بما كانوا يعملون.
ان التكذيب بآيات الله والاستهزاء بها هما الحياة الجهنمية في الأولى ، حيث يخلّفان أسوء الأعمال بأسوء الأحوال ، فعاقبتهم هنا عذاب الاستئصال ، وهي الجهنمية الأولى ، (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا) هكذا وابتلوا باستئصال هي «السوأى» التي تعقبهم بعد الموت ، برزخا ورجعة وقيامة كبرى ، خلاف ما (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ).
و «ان كذبوا ..» قد تكون بيانا ل «أساءوا» دون حاجة إلى تقدير ام سببا ل «السوأى» ام هما معنيان جمعا بينهما ، ان إساءتهم هي تكذيبهم واستهزاءهم ، وهي هي السبب ان كان عاقبتهم السوأى ، وهي أسوء العواقب على الإطلاق دون مفضل عليه هو السوء في الدنيا ، ام بمفضل عليه