يناسب ساحته ، ويأمرنا كذلك ان نسبحه كما سبح هو نفسه ، ولكن (حِينَ تُمْسُونَ) تؤصّل تسبيحنا له إذ هو تعالى لا يسبح نفسه ـ فقط ـ في هذه الأوقات ، وإنما نحن نسبحه فيها كما هو يسبح نفسه دوما ودونما انقطاع بآياته الآفاقية والأنفسية إمّا هيه من خلقه تسبيحا منفصلا ، كما وان ذاته وصفاته ذاتية وفعلية تسبيحات لنفسه المقدسة.
«فسبحان» هنا تفريع على ما قدّم من مشاهد الدنيا والآخرة لضفّتي الايمان والكفر ، بفوز المؤمنين أنهم (فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) وخوض الكافرين في الجحيم انهم (فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ) ، إذا كانت عاقبة الذين أسئوا السوأى وعاقبة المؤمنين الحسنى (فَسُبْحانَ اللهِ) ايها المؤمنون ...
(فَسُبْحانَ اللهِ) هنا يحلّق على الأوقات الرئيسية المؤقتة للمفروضات الخمس الرئيسية ، وعلى هوامشها سائر الأوقات حيث تتبعها.
(وَلَهُ الْحَمْدُ) تختص الحمد لله بالله في كل مكان المعبر عنه بالسماوات والأرض ، وقد توسطت (لَهُ الْحَمْدُ) لأمكنتها بين سبحان الله في أزمنتها ، تحليقا للحمد له على كل زمان ومكان دون إبقاء ، فهي جملة معترضة في أدب اللفظ ، وصحيحة بدورها في حدب المعنى.
ولأن (فَسُبْحانَ اللهِ) هي بإمكان المكلفين بها ككلّ ، تاتي هنا بظاهرة الأمر ، ولكن الحمد لله ليست هي بإمكان الكل لأنها وصف له ايجابي ف (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ. إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (٣٧ : ١٥٩) تأتي هنا الظاهر الخبر (وَلَهُ الْحَمْدُ) وما أجملها في صيغة التعبير ، وما ارتبهما في ترتيب الذكر العبير ، مهما دلت آيات اخرى على فرض التسبيح بالحمد ، وقد تعني هذه الأوقات الأربع الخمس من أوقات الفرائض الخمس بضم العشائين مع بعض في «عشيا» الشامل لطول الليل ، الحاوي لفرضيه ، دون «تعشون»