المختص ببداية الليل الخاصة بفرضه الأوّل : المغرب ، وهذا هو السبب لاختلاف «عشيا» اسما عن الثلاثة الأخرى «تمسون ـ تصبحون ـ تظهرون» أفعالا.
ف (حِينَ تُمْسُونَ) هي العصر المحدّد في النهاية بغروب الشمس ، كما (حِينَ تُصْبِحُونَ) هي الفجر المحدد بطلوعها : «وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومنءانائ الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى» (٢٠ : ١٣٠) ـ (.. وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ. وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ) (٥٠ : ٤٠).
هنا وهناك نؤمر بالتسبيح بالحمد ، حيث التسبيح وهو الأصل في ذكر الله في صلاة وسواها ، انه يستكمل بالحمد ، ان نحمده مسبحين إياه عما لا يحمد حمده به من صفات زائدة على الذات ، أو محدودة بحدود أفكارنا وعقولنا ، فحين نقول «لا يجهل» فقد سبحناه مجردا ، وحين نقول «هو العالم» علينا ان نحوله إلى أنه لا يجهل ، فالأصل الشامل في حمدنا له هو تسبيح بالحمد ، الراجع إلى سلب ، كما التسبيح المجرد سلب ، فلا نملك تجاه الله إلّا معرفة السلبيات ولا سبيل لنا إلى تفهم ايجابيات الصفات لا الذاتية منها ولا الفعلية ، اللهم إلّا طرفا منها سطحيا حين نسبر اغوار الكون في آياته الآفاقية والأنفسية.
(حِينَ تُمْسُونَ) هنا هي وقت العصر ، وعلّه يتقدم هنا على سائرها حيث الإنسان خالص ـ في الأكثر ـ عن أشغاله فيه ، فعليه أن يسبح الله فيما حصل وما هو حصّل ، أن ليس من الله في أيّ منهما قصور أو تقصير.
ثم (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) علينا أن نسبّحه حين ندخل في الصباح وهو الفجر الصادق ، ونتبنى الفجر الى العصر وإلى فجر آخر تسبيحا لله.