(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ) ٢٢.
اختلافات ثلاث كلّ تدل بدورها على تخليق قاصد ، دونما صدفة عمياء ، ام ارادة محصورة بلون واحد من الخلق ، ف (خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بمختلف أشكالهما وأحوالهما ، (وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ) وأنتم كلكم مخلوقون من تراب ، كل ذلك دليل التصميم الحكيم في كل خلق (إِنَّ فِي ذلِكَ) الخلق المختلف المؤتلف (لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ) فطريا وعقليا وفكريا ، فلسفيا وتجريبيا ، أم أي حقل من حقول العلم الإنساني ، فانه أيا كان يستخدم لهذه المعرفة الغالية نظرا إلى الخلق ككل بمختلف أطواره وتطوراته ، ونظرا إلى اختلاف الإنسان في الألسنة والألوان (١١) وكما ان اختلاف الألسنة والألوان آية القدرة الحكيمة الرحيمية «للعالمين» المفكرين فيها ، كذلك هو آية للتعرف إلى أصحابها ، فقد تشير الألوان والقالات إلى الحالات «للعالمين» (١٢) كما وان في معرفة الألوان والألسن المختلفة «لآيات
__________________
(١١) نور الثقلين ٤ : ١٧٣ في علل الشرايع باسناده الى عبد الله بن يزيد بن سلام انه سأل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال اخبرني عن آدم لم سمي آدم؟ قال : لأنه خلق من طين الأرض وأديمها ، قال : فآدم خلق من الطين كله أو من طين واحد؟ قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : بل من الطين كله ، ولو خلق من طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا وكانوا على صورة واحدة ، قال : فلهم في الدنيا مثل؟ قال : التراب فيه ابيض وفيه اخضر وفيه أشقر وفيه اغبر وفيه احمر وفيه أزرق وفيه عذب وفيه مالح وفيه خشن وفيه لين وفيه اصهب ، فلذلك صار الناس فيهم لين وفيهم خشن وفيه ابيض وفيهم اصفر واحمر واصهب وأسود على ألوان التراب.
(١٢) نور الثقلين ٤ : ١٧٤ في أصول الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال : ان الإمام إذا ابصر الى الرجل عرفه وعرف لونه وإن سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو ان الله يقول (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَ ـ