الله (أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً) (٢٧ : ٨٦) (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً. وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) (٧٨ : ١١) ومن الأولى خلطا بينهما (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) (٢٨ : ٧٣).
والجمع يلمح بأصالة الليل سكنا والنهار مبصرا ، وفرعية المعاكسة عند الحاجة ، وطبعا إبصارا بالليل بضياء ، وإظلاما بالنهار بستر ، حيث النور تمانع الرياحة كما الظلمة تمانع السعي للمعيشة ، (وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ) في النهار ظاهر تكسّبا للمعيشة التي هي على أية حالة من فضل الله ، فليست المساعي لتحصيلها إلّا أسبابا قرّرها الله لإدرار فضله كما يشاء ، فقد يكون السبب طلب المعيشة ، وأخرى هو التقوى لمن يترك طلب المال إلى طلب العلم تعلما وتعليما وتطبيقا يجمعها علم التقوى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (٦٥ : ٢ ـ ٣).
كما ابتغاء فضله بالليل يعمهما ، ولا سيما صلاة الليل التي هي ابتغاء لفضله روحيا وماديا ، إذا فلا يختص ابتغاء فضله بليل أو نهار بالمادي المعيشي ، بل والروحي ، فليعش الإنسان دوما ليل نهار ابتغاء من فضل الله في يقظته ، ورياحة عن ابتغاءه بنومه ، بل والنوم ايضا من فضل الله حيث يريح الإنسان عن عبء الطلب ويعده لمواصلته ابتغاء لفضل الله أيا كان.
وليس النوم مما يبتغي إذ قد يهمل فيه فينهل الجسم وتنحلّ القوى ، ف «فيه راحة البدن وإجمام قواه .. ولو كان إنما يصير إلى النوم بالتفكر في حاجته إلى راحة البدن وإجمام قواه كان عسى أن يتثاقل عن ذلك فيدفعه حتى ينهل بدنه» (١٤).
__________________
(١٤) نور الثقلين ٤ : ١٧٧ في توحيد المفضل عن الصادق (عليه السلام) والكرى يقتضي النوم الذي فيه راحة البدن ...