على أية حال أهون من البدء قياسا بينهما ، وقياسا إلى القدرة المحدودة ، واما بالنسبة للقدرة غير المحدودة فلا مراحل في الهون كما الصعب ، فلا صعب لها ولا أصعب ، ولا هين ولا أهون ، فكلّ هين تجاه القدرة الطليقة الإلهية على سواء كما (قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) (١٩ : ٩).
والخلق الثاني أهون من الأوّل في نفس الذات وبالنسبة للقدرة المحدودة ، ولكنه هنا (عَلَيَّ هَيِّنٌ) لا أهون ، ثم (قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) تعطى اولوية لهذا المنيّ هنا ، ويعبر عنها في آيتنا ب (هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) ولا تعني إلّا تنازلا في التفضيل ، وليس في الحق عنده في قدرته تفضيل.
إذا (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) قد تعني الأهون في نفس الذات وبالنسبة لقدراتكم؟ ولكن «عليه» قد تمانع عنايتها لخصوص هذين الأهونين!
أم (هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) تنازلا في التفضيل في حقل القدرة : (وَهُوَ الْعَزِيزُ) وحقيقة في التفضيل في حقل العدالة «وهو (الْحَكِيمُ).
فالبدء للخلق ـ أيا كان ـ هو قضية الفضل ، وأما الإعادة ـ للمعاد الحساب ـ فهي قضية العدل ، والعدل أهون من الفضل وأوجب في مثلث المقاييس : بينهما ، وبالنسبة للعزة والحكمة المحدودتين ، وبالنسبة للعزة الطليقة والحكمة اللّامحدودة.
أضف إلى كل ذلك كهامش في المعنى المعنيين الأوّلين للأهون حقيقيا ، والثالث تنازلا في الحوار.
فقد تعني (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) سداسية المعاني ، والأصل في الثلاثة الأول التنازل في التفاضل : لو كان له هين وأهون ف (هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) ، ثم