هؤلاء مثل أعلى ممن لا يعدل تماما وهكذا ، ثم المثل يعم من ناحية أخرى صفات الفعل التشريعية إلى صفات فعله التكوينية ، فالشرعة التوراتية مثل أعلى من الشرعة الإبراهيمية ، كما الشرعة القرآنية هي مثل أعلى من كل شرعة إلهية.
وكما الإنسان ككل هو مثل أعلى من الناحية التكوينية (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) ومن الناحية التشريعية إذ شرع له أحسن الشرائع بين كافة العقلاء ، وحين يشاركه بعضهم كالجن وسواه في شرعته فهو الأصل فيها رسالة ومرسلا إليه.
ثم «الأعلى» في (الْمَثَلُ الْأَعْلى) قد تكون كما هنا ، الأفضل بين أمثاله تعالى ، كما الإعادة مثل أعلى من البدء ، ام الأعلى من مثل غيره ، فصفاته الفعلية ـ وهي كل خلقه بمختلف أمثاله الأدنى والوسطى والعليا ـ هي أعلى من صفات خلقه ، وكما ان صفات ذاته وذاته أعلى ممن سواه.
وأمثال الله تعالى بكل مراتبها حسنة وفق طليق العزة والحكمة ، وأمثال غيره بين سيئة وحسنة هي طبعا دون أمثال الله : ف (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ) إذ يرجحون البدء الفاني وهو من فضله ، على الإعادة الباقية وهي من عدله ، ترجيحا للفضل المؤقت في ذلك الخلق العظيم دونما غاية مقصودة إلّا حياة ضئيلة هزيلة هي في الحق خلاف الفضل ، ترجيحا على العدل في الإعادة وهي الغاية المقصودة من البدء (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) عدلا وفضلا بواقعهما الطليق العميق.
__________________
ـ وفيه (٨١) عن العيون عن عبد الله بن العباس قال قام رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فينا خطيبا فقال في آخر خطبته : ...