وكما انه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) كذلك ليس كمثله مثل ، «وله» السابقة على (الْمَثَلُ الْأَعْلى) تفيد الحصر ، فهو «رب المثل الأعلى عما به مثلوه ـ ولله المثل الأعلى ـ الذي لا يشبهه شيء ولا يوصف ولا يتوهم ، فذلك المثل الأعلى» (١٦).
(ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ٢٨.
(ضَرَبَ لَكُمْ) المتخذين لله شركاء (مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ) مثل قريب وهل هناك مثل أقرب من أنفسكم ، دون حاجة إلى رحلة قريبة أو بعيدة أم تفكير عميق فإنه مثل كأبسطه وأقربه إليكم بين كافة الأمثال وهو :
(هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ) يشاركونكم فيما تملكون ، رغم أنهم أنفسهم مما تملكون (فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ) كشركاء سواء فيما يتصرفون ، ثم «تخافونهم» في المزيد من التصرف فيما تملكون (كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) أنتم المالكين في أموال مشتركة بينكم؟
وذلك سئوال التنديد التجهيل عمن يشركون بالله خلقه فيما يختص بالله من ربوبية ، لهم ما لله من التصرف في ملكه ، فيخافهم الله كما يخاف من شريك ، رغم ان الشركة بين المالكين والمماليك امر ممكن ، وبالنسبة لله
__________________
(١٦) نور الثقلين ٤ : ١٨٠ في كتاب التوحيد باسناده الى حنان بن سدير عن أبي عبد الله (عليه السلام) حديث طويل يقول فيه : وقوم وصفوه بيدين فقالوا : يد الله مغلولة ـ وقوم وصفوه بالرجلين فقالوا : وضع رجله على صخرة بيت المقدس فمنها ارتقى الى السماء ووصفوه بالأنامل فقالوا : ان محمدا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : اني وجدت برد أنامله على قلبي ، فلمثل هذه الصفات قال : رب العرش عما يصفون ـ يقول : رب المثل الأعلى ...