الذات ظاهرة وباطنة حين الحساب (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً ، اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (١٧ : ١٤) وبين الكتابين كتاب الشرعة الإلهية (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ..) (٧٣ : ٢٠)(ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
للفطرة احكام ثابتة لا مرد لها كما هي نفسها : (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) إذا فهي أمتن قاعدة وأحسنها لتبنّي الكمالات الإنسانية ، وعلى السالك الى الله أن يعتبرها أولى المنازل في سيره وأولاها.
ولكي تكون هذه السفرة ناجحة ، عليه أن يتزود براحلتها «الفطرة» وزادها الستة الأخرى من عرفات آية الفطرة ، وقد عرفنا الفطرة بعض المعرفة وإليكم الستة الأخرى :
١ ـ معرفة النفس ، ٢ ـ وحبها ، ٣ ـ وإقامتها ، وهي المطوية في «فأقم» ، ٤ ـ ثم «وجهك» ، ٥ ـ «للدين» ، ٦ ـ «حنيفا» هي الأخرى من ألفاظها الأخرى.
معرفة النفس كما هيه حسب الطاقة البشرية هي اولى الخطوات في هذه الرحلة وعلى حد قول الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) «من عرف نفسه فقد عرف ربه».
فلتعرف أولا من أنت ، هل أنت ـ فقط ـ هذا البعد الحيواني ، وكما اكثر الناس يظنون ، (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) (٣٠ : ٧) أولئك الذين يستعمرون كافة طاقاتهم المادية والمعنوية للشهوات والحيونات ، إذ ضلوا عن أنفسهم فظلوا عاكفين على حيوناتهم ف (لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ ... وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (١٨ : ٢٧) وذلك رأس كل خطيئة.