أم أنت الروح الانساني كما هو مكتوب في كتاب الفطرة ، فما الإنسان إلا عقلا فاهما ، وما قيمته إلا قدر عقله ، فلتكرّس كافة طاقاتك مادية ومعنوية في ترقية روحك.
ولما وجدت نفسك من أنت ، تحب نفسك كما أنت ، وذلك الوجدان والحب يدفعانك إلى محبوب مطلق وموجود مطلق ، هو المنطلق لكل محب وموجود ، وهو الله تعالى شأنه.
فمعرفة النفس بالحيوانية فحبها بها هي الكفر بالله وبغضه ، ولكن معرفتها بالروحانية وحبها بها هي معرفة الله وحبه.
فمن وجد نفسه كواقع الحق فقد وجد ربه ، ومن ضل عن نفسه فقد ضل عن ربه ، وكلما ازداد الإنسان معرفة صالحة بنفسه ازداد معرفة بربه ، فحين يعرف نفسه أنه لا شيء في ذاته ، يعرف الله وانه مصدر كل شيء ، فقر مطلق يتعلق بغنى مطلقة : (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) ـ (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ).
ثم الوجه من كل شيء ما يواجه به شيئا أو يواجه إليه ، فتختلف وجوهه حسب اختلاف كيان المواجه والمواجه إليه.
فإذا كان المواجه إليه من عالم المادة فوجه الإنسان الموجّه إليه هو بعده المادي ، سواء الوجه المعروف منه كعضو بين الأعضاء ك (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً) (١٢ : ٩٣).
ام ظاهر المقاديم من بدنه كما يتجه إلى القبلة (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (٣ : ١٤٤) ، ام البدن كله حيث يواجه حريقا شاملا يحرقه ظاهرا وباطنا ، فكما وجه النار هنا هو كلها كذلك وجه الإنسان المحترق بالنار هو كله ، ووجه الأرض ككل هو ظاهر الكرة الأرضية ، وهو بوجه أخص