هناك وجه للدين وهو شرعة الدين ، وهنا وجه الى الدين وهو مشرعة الدين : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) وكما ان دين الشرعة معصوم كذلك دين التكوين الشرعة معصوم ، لا اختلاف ولا تخلف في احكامها.
إذا ـ فإلى أحضان الفطرة وأحكامها ، لنقيم وجوهنا إليها للدين حنيفا ، وليكن الله معنا.
حب الكمال المطلق
إنّ الإنسان أيا كان يحب الكمال المطلق الذي لا حدّ له ، ولأنه لا يجده في نفسه ، فهو دائب السعي والجد للوصول اليه ، دون أية وقفة في جده وسعيه ، ولأن هذا الكون كله محدود وناقص ، وكله فقير مفتاق ، فلا يجد بغيته الأصيلة فيه ، وهو متأكد أن ليس يجدها فيه على أية حال ، فلو لا ان هناك في الكون كمالا مطلقا وهو لا يجده بتا في هذا الكون ، فكيف لا تخمد نار حبه وتفؤّد فؤاده للوصول اليه ، فلا فتور للفطرة في حب الكمال المطلق.
انه ـ قطعا وبيقين ـ يحب الكمال المطلق ، وهو لا يجده قطعا ويقينا في هذا الكون المحسوس وكله محدود ، فليكن ذلك الكائن اللّامحدود موجودا وراء الحس والمادة ، وهو يحدّد الحدود ، ويفيض على المحدود الفقير الفقير في ذاته على أية حال ، وهذه هي فطرة المعرفة ودين المعرفة لله.
وهذه ضابطة سارية قاطعة ان واقع الحب يقتضي واقع المحبوب ، إلا حبا خاطئا بتخيّل وجود المحبوب أو إمكانيته ، فإذا تأكد من استحالة المحبوب زال حبه إذ لا يعقل حسب المستحيل.
والإنسان المحب للكمال المطلق اللّامحدود حين يتأكد أنه مستحيل في