يحترم ويعبد إلّا بوحيه ، وإذ لا يوحي إلينا أجمع فليوح إلى بعض الصالحين من عباده المخلصين ، وهذه هي النبوة العامة ، الأصل الثالث من اصول الدين الحنيف القيم.
فلأنه تعالى هو الكامل لغير النهاية ، فليكن محبوبا لغير النهاية ، وقضية الحب احترام المحبوب قدر الحب حتى في غيبه فكيف إذا كان حاضرا ناظرا فانه قضية العلم المطلق ، وكيف إذا كان قديرا على كل شيء؟ فانه قضية الكمال المطلق كما العلم! وكيف إذا كان منعما؟ (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ) ومن ثم إذا كان منتقما بعدله بين خليقته.
ثم الفطرة تحب مطلق المعرفة كما تحب المعرفة المطلقة ومعرفة المطلق وهو الله تعالى شأنه ، ومن ثم العبودية لذلك المطلق استكمالا للإنسان ، ثم العدالة تعديلا لكيانه وسائر الإنسان.
حب المعرفة يجذبه إلى معرفة الله وتوحيده ، وحب المعدلة تعرّفه أنه لا بد من حياة الحساب بعد الموت ليظهر فيه عدل الله تعالى إذ لم يظهر تماما يوم الدنيا لأنها يوم التكليف الاختبار الاختيار ، وحب العبودية تدفعه إلى التفتيش عن كيف يعبد ربه ولا سبيل له إلا الوحي.
فهذه الأصول الثلاثة المعرفية كلها مندغمة في الفطرة إذا أزيلت عنها حجب الظلمة ، واستفرغت لاتجاه الإنسان بوجوهه لها وإليها حنيفا في عشرة كاملة ، و (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
ما من انسان إلّا ويحب التخضع لحد والعبودية للأكمل منه ، فهل يجد أكمل من الله وأفضل أو من يساميه في محتده فيعبده دونه او يشركه به؟
ذلك هو الميثاق المأخوذ على ذرية بني آدم كما تتحدث عنها آية الذرية ، وهي ذرية الروح لمكان المعرفة (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) ف (مِنْ ظُهُورِهِمْ