بسطا في السماء كيف يشاء ، وتلطيفا للأجواء ، وتبريدا للهواء ، أماذا مما تخلّفه الرياح المبشرات (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) فالإذاقة قلة ، و «من» التبعيض قلة اخرى تجعلان غزير الأمطار قلة قليلة من رحمته ، ولنعرف ما هي رحمته يوم الرحمة الأخرى.
(وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ) بالرياح (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) بجريان الفلك والرياح (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) مرسل الرياح مبشرات ، بهذه الرحمات ومحققات لهذه العطيات.
وحين يرسل الله الرياح مبشرات لرحماته المادية للأولى أفلا يرسل رياح الوحي مبشرات لرحماته الروحية التي تعيّشنا في النشأتين :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) ٤٧.
إن الرياح الروحية الرسالية المبشرة بكل الرحمات قد أتت بالبينات (فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) ثمرات الحياة قطعا لها قبل إيناعها ، فتحويلا لها إلى نكبات ، وأما الذين آمنوا (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) في حقول الرسالات هنا ويوم يقوم الاشهاد : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) (١١ : ١٨).
و «كان» هنا تضرب إلى أعماق الماضي الرسالي بمستقبله ، تأكيدا لاستمرارية النصر الرباني لهؤلاء الأكارم قدر ما ينصرون الدين والدينين.
(اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) ٤٨.
إثارة السحاب وبسطها في السماء كيف يشاء وجعله كسفا فترى الودق