(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) وهم «من جاهد» بصيغته الأخرى السائغة ، المفسرة للجهاد والمستفسرة منه ، حيث الإيمان جهاد نفسي وعمل الصالحات هو الجهاد الآفاقي ، وكيف يحصل أو يتكامل ايمان بلا جهاد ، وكيف تتحقق الصالحات دون جهاد.
وهنا الله يعد المجاهدين تكفيرا عن سيئاتهم اللّمم وسواها ، المتفلتة عنهم في حياة الجهاد ، تغافلا أو تساهلا ، فيأمنوا بأس السيآت حيث اجتنبوا كبائرها (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً).
ولأن (الَّذِينَ آمَنُوا) قد تعم هؤلاء والذين لا يعترفون السيآت حتى اللمم كالمعصومين من السابقين والمقربين ، فالتكفير بالنسبة لهم دفع عن السيآت ألّا يرتكبوها ، لا رفع لهما بعد ارتكابها ، كما الغفر يعم الدفع والرفع.
ثم للذين آمنوا ـ ككلّ على قدر ايمانهم ـ تكفير الدفع كما لهم تكفير الرفع (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
ام ان (الَّذِينَ آمَنُوا) تعني من سوى المعصومين فإنهم مسلمون لله ، لا فقط انهم مؤمنون ، وقد يتأيد ب (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ) (٩) فإنهم بطبيعة الحال من فوق المؤمنين من (النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) فالمؤمنون هنا (مَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ ... مِنَ النَّبِيِّينَ ..) والصالحون هنا دون مقابل هم كل هؤلاء الأربع الذين على صراط مستقيم.
ثم ولا وحسبهم هذا ، بل (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) جزاء الحسنى بالحسنى ، وحتى الحسنات التي ليست بالحسنى ، وهي الجزاء بعشرة أمثالها وزيادة (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) (١٠ : ٢٦) والحسنى هنا