وللوالدين تأويل انهما الرسول وعلي صلى الله عليهما وآلهما فإنهما أبوا هذه الأمة ، وكذلك كل العلماء الربانيين ، فان حق الوالدية الروحية التربوية فوق الجسمية الولادية (١).
ذلك ، وكما الله لا يشكر حقه مهما بلغ الشكر مبلغه القمة ، كذلك الوالدان ، إلّا ان يعترف بالعجز عن أداء شكره وشكرهما ، وهو الحق الحقيق بالأجر.
وقد يروى «ان رجلا كان في الطواف حاملا أمه يطوف بها فسأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هل أديت حقها؟ قال : لا ولا بزفرة واحدة» (٢).
ذلك ، ولأن الأصل في حقوقهما هو الله الخالق لهما وإياكم منهما ، الجاعل حبكم في قلوبهما ، الآمر بشكرهما ، فلا تناحر ـ إذا ـ بين حق الله وحقوقهما ، ولا حق لهما إلّا في طول الخط من حق الله دون مشاقة ، ف :
(وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما
__________________
(١) المصدر عن الكافي بسند متصل عن الأصبغ بن نباتة انه سأل امير المؤمنين (عليه السلام) عن قوله تعالى : ان اشكر لي ولوالديك اليّ المصير؟ فقال : الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر هما اللذان ولدا العلم وورثا الحكم وامر الناس بطاعتهما ثم قال الله : «إلى المصير» فمصير العبّاد الى الله والدليل على ذلك الولدان ثم عطف القول على ابن حنتمة وصاحبه فقال في الخاص والعام (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي) تقول في الوصية وتعدل عمن أمرت بطاعته «فلا تطعهما» ولا تسمع قولهما ثم عطف القول على الوالدين فقال : (وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) يقول : عرف الناس فضلهما وادع الى سبيلهما وذلك قوله (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) فقال : الى الله ثم إلينا فاتقوا الله ولا تعصوا الوالدين فان رضاهما رضا الله وسخطهما سخط الله».
(٢) رواه الحافظ ابو بكر البزاز في مسنده باسناده عن بريد عن أبيه ان رجلا ..