فالكلمات ـ إذا ـ هي علم الله ذاتيا وصفاتيا وواقعيا ، لفظيا ومعنويا ، تكوينيا وتشريعيا ، وليست لهذه المجموعة ـ ككل ـ حد ولا نهاية ، مهما كانت نعمه حسب المنعم عليهم محدودة ، وهي ايضا كما الكلمات لا تحصى ، وقد تكفي كلمة «كن» مثالا لهذه السعة المعجزة ، ولا سيما ما بالإمكان أن يتلون به ، فلا حد لها محدودا ولا عدّ معدودا ، فلو ان الأقلام كلها بثمانية أضعاف من مداد البحر كتبت هذه الكلمات لما نفذت (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وقضية عزته الطليقة وحكمته ، هي اللامحدودية في كلماته الإلهية ، واللامحصورية في كلماته الربانية بحصار الكتابات التي هي ايضا بوسائلها والكاتبين لها من كلمات الرب.
وعلّ (قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي) تلمح إلى أنها محدودة ولكنها لا تنفد ، ولكن (ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) لا تلمح إلى نفادها ، حيث النفي هنا
__________________
ـ الرجم ، فقضى عليهم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقالوا : صدقت يا محمد عندنا التوراة فيها حكم الله فكانوا فسب ذلك لا يظفرون من النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بشيء قال فنزل على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) فاجتمعوا في ذلك البيت فقال رئيسهم يا معشر اليهود لقد ظفرتم بمحمد فأرسلوا اليه فجاء فدخل عليهم فقالوا يا محمد ، ألست أخبرتنا انه انزل عليك (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ) ثم تخبرنا انه انزل عليك (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) فهذا مختلف ، فسكت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولم يردّ عليهم قليلا ولا كثيرا ، قال ونزل على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) «ولو ان ما في الأرض من شجرة أقلام وجميع خلق الله كتاب وهذا البحر يمد فيه سبعة أبحر مثله فمات هؤلاء الكتاب كلهم وكسرت هذه الأقلام كلها ويبست هذه البحور الثمانية وكلام الله كما هو لا ينقص ولكنكم أوتيتم التوراة فيها شيء من حكم الله قليل فأرسل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتوه فقرأ عليهم هذه الآية فرجعوا مخصومين بشر».