أعم من ذلك دونما هناك.
اجل ، وكما يتوارى كل شيء إلّا الله ، كذلك تتوارى الأشجار والبحار ، وتنزوي الأحياء والأشياء ولا تتوارى كلمات الله (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) كما لا يغلب في ذاته كذلك لا يغلب في كلماته.
(ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) ٢٨.
آية يتيمة بين آي المعاد تجعل خلق الجمع وبعثهم كنفس واحدة في خلقها وبعثها ، وعلّها إجابة فيما تعنيه عن السئوال : كيف يحشر الجميع وقد خلطت أجزاؤهم مع بعض ، فضلّت كل نفس في الآخرين ، كما قالوا : (أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ. قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (٣٢ : ١١).
فالجواب : (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) أمام الحيطة العلمية والقدرة الإلهية ، إذ لا تضل نفس في انفس الآخرين عن علم رب العالمين مهما ضلّت عمن سواه ، فكما أنه تعالى خلق كل نفس ثم يبعثها كما خلق ، وهو أهون عليه ، كذلك يبعثكم ليوم الجمع كما خلقكم أول مرة ، وذلك أهون عليه ، ف (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) أقوالكم «بصير» بأحوالكم روحية وجسمية ، فلا يفلت عنه فالت ولا يعزب عن علمه عازب ، فعلمه لازب كل معلوم ، وقدرته لازبة كل مقدور.
إنه تعالى لا يختلف في خالقيته القليل والكثير ، والسهل والعسير ، لأنه على كل شيء قدير.
لقد (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) على توالي الدهور والأنسال وفق الحكمة الربانية ، ثم يبعثكم جميعا في ساعة واحدة قضية العدالة في