الحكمة (١) ، دون رحلات الأجنّة ، ولا انتسالات مترتبة ، فإنهما لدى الله سيّان ، بل والبدء أيا كان أصعب ـ لو صح التعبير ـ وليس إلا تنازلا في التعبير : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ).
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) ٢٩.
هذه وتسع أخرى عشرة كاملة تحدث عن إيلاج الليل في النهار وإيلاج النهار في الليل ، وهي تدل على كروية الأرض ، لولاها لكانت الأرض كلها ليلا ام كلها نهارا فلا مجال لولوج كلّ في الآخر.
ثم (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ) في شروقات وغروبات مختلفة حسب مختلف ايام السنة ، في الآفاق الأرضية ، بما يتحقق معه الولوجان (كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) هو يوم القيامة الكبرى ، أو ليس الله الذي يجريهما مع سائر الجاريات إلى أجل مسمى ، ليجري المكلفين إلى أجلهم المسمى وهم أحق وأحرى؟ إذ (أَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) فليجازكم بما عملتم قضية العدل ، وإذ لا جزاء وافيا هنا فليكن هناك.
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) ٣٠.
«ذلك» العظيم العظيم ، الكثير الكثير من البراهين الساطعة من الآيات الآفاقية والأنفسية التي تحلّق على الكائنات كلها ، دالة على وجوده
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٢١٦) عن تفسير القمي في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليهما السلام في الآية : بلغنا والله اعلم انهم قالوا : يا محمد خلقنا أطوارا : نطفا ثم علقا ثم أنشأنا خلقا كما تزعم ونزعم انا نبعث في ساعة واحدة فقال الله : ما خلقكم ولا بعثكم الا كنفس واحدة (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).