الله ليقرأوها قراءة خاشعة خاضعة ، ويدعوا الله حق الدعوة الخالصة (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) قاصد قصد الفطرة ، دون ان ينجرف بجارف الأمن والرخاء ، ومنهم من يجحد ختارا كفورا.
هبهم هؤلاء الختارين الكفارين قد ينجون من ظلل البحار هنا ، فمن ذا الذي ينجيهم عن ظلل الأخرى :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) ٣٣.
جزى عنه : كفى ، وهنا قد يجزي والد عن ولده مالا أو حالا ، ام يجزي مولود عن والده حالا او مالا ، وفي يوم القيامة لا جزاء من أحد وان كان اقرب الأقارب كالوالد والولد (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ) لا حول عنه بأي حول ومحاولة (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) ان تغفلكم عن الأخرى ، ام تحسبوها كما الأولى قد يجزي أحد أحدا أو يجزى عنه (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) وهو الشيطان الرجيم الذي يرأس كل نمرود وليست الحياة الدنيا في حد ذاتها مذمومة ، بل هي حسب ما يعامل معها إما حسنة وإما سيئة.
ف «اثبت الناس رأيا من لم يغره الناس من نفسه ولم تغره الدنيا بتشويقها» (١).
وخير تعريف عادل بالدنيا في قول فصل ما يروى من كلام امير المؤمنين (عليه السلام) لرجل سمعه يذم الدنيا من غير معرفة بما يجب ان يقول في
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٢١٧ عن الفقيه عن امير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل وفيه قال السائل : فاي الناس اثبت رأيا؟ قال : ..