عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) ٤.
تعريف بالله في خالقيته المدبرة لما خلق ، توحيدا له في تدبير الخلق كما في الخلق رغم ما يزعمه المشركون انه هو الخالق ولشركائه التدبير.
ومثلث (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما) تعبير عن الكون المخلوق كله ، و (سِتَّةِ أَيَّامٍ) هي الأوقات الستة للخلق وقد فصّلت في «فصّلت» وانها ليست من أيام هذه الأرض ، لأنها مقياس زمني ناشئ عن دورتها ، فأين هيه قبل خلقها وخلق السماوات ، فهي من أيام الله التي لا يعلمها إلّا الله ، اللهم إلّا شبحا بعيدا لنوعيته ، دون حده وقدره.
والعرش المستوى عليه هنا هو عرش التدبير بكافة شئون الربوبية ، وهو عوان بين العرش قبل هذا الخلق حين (كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) (١١ : ٧) والعرش بعد الدنيا (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) (٦٩ : ٧) والعرش العوان هو عرش التدبير : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) (١٠ : ٣) ومنه إغشاء الليل النهار : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) (٧ : ٥٤) عرش الفعالية لما يريد : (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ. فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (٨٥ : ١٦) وكذلك عرش العلم : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها ..) (٥٧ : ٤).
ولأن الولاية هنا والشفاعة هنا وهناك هي من شئون عرش التدبير الموحّد ، إذا ف (ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ) يلي أمركم وامر الخلق كله لأنه هو ذو العرش «ولا شفيع» عنده في تكوين أو تشريع (أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) بعد ذكريات الفطرة والعقلية والشرعة الربانية : أنه هو الولي والشفيع لا سواه فانى تؤفكون وتصرفون ، (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ)؟
وترى كيف يكون الله هو نفسه شفيعا ، فعند من يشفع إذا كلّ مشفوع