وكلما ازداد الابتلاء في الله ، والنجاح فيه تجاه أمر الله ، اتسمت دائرة الإمامة وازدادت قوة وبهورا وكما في إبراهيم : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ..) وكذلك من ذرية إبراهيم حسب درجاتهم (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) (٢١ : ٧٣)
وأفضل الأئمة في ذريته هو الرسول محمد (صلّى الله عليه وآله) وقد جعله الله إماما عليه وعلى كافة الأئمة رسلا ونبيين وسواهم من المعصومين (١).
(جَعَلْنا مِنْهُمْ. بِأَمْرِنا) دليل صارم لا مرد له أن الإمامة ليست إلّا بجعل الله ، كما الهداية من الإمام ليست إلّا بأمر الله «لا بأمر الناس يقدمون
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٢٣٢ في أصول الكافي بسند متصل عن حفص بن غياث قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) في حفص أن من صبر صبرا قليلا وأن من جزع جزعا قليلا ثم قال : عليك بالصبر في جميع أمورك فإن الله عز وجل بعث محمدا (صلّى الله عليه وآله) فأمره بالصبر والرفق ـ إلى قوله ـ فصبر حتى نالوه العظائم فضاق صدره فأنزل الله عز وجل (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل الله عز وجل (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ. وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا) فألزم النبي (صلّى الله عليه وآله) نفسه الصبر فتعدوا وذكر الله تبارك وتعالى وكذبوه فقال : قد صبرت في نفسي وأهلى وعرضي ولا صبر لي على ذكر إلهي فأنزل الله عز وجل : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) فصبر النبي (صلّى الله عليه وآله) في جميع أحواله ثم بشر في عترته بالأئمة ووصفوا بالصبر فقال جل ثناءه (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) فعند ذلك قال (صلّى الله عليه وآله) : الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد.