أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم» (١) وتأويل هذه الآية يأتي في أئمة المسلمين بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله) بأحرى وأولى لأنهم أعلى منهم وأقوى.
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) ٢٥.
طمأنة أخرى لقلبه المترجرج الجريح من بأس قومه الألداء ، (إِنَّ رَبَّكَ) الذي رباك بهذه التربية الفائقة الرسالية (يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ) أولاء المختلفين في الحق الذي آتيناك (يَوْمَ الْقِيامَةِ) فصلا واضحا ناصعا لا ريب فيه ولا شك يعتريه ، واقعا لا قبل له ، مهما فصل هنا بينهم بآياته البينات ، ولكنهم (كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) وأما هناك ففيه فصل القضاء الحاسم حيث يزيل كل الخلافات والاختلافات فيعلمون أن الله هو الحق المبين.
(أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ) ٢٦.
إذا لم يهد لهم إنذار المنذرين (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) ذلك الواقع المبين : (كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ) الماضية المكذبة بآياتنا ، وهم الآن (يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ) ـ (فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً) (٢٨ : ٥٨) حيث (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ) (١٤ : ٤٥).
(إِنَّ فِي ذلِكَ) السير الماشي والمشي الساير المبصر «لآيات» لقوم
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٢٣٣ عن تفسير القمي بسند عن جعفر محمد عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال : الأئمة في كتاب الله إمامان : قال الله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) لا بأمر الناس ...