رسالته إلّا هنا.
ولماذا (خَمْسِينَ عاماً) استثناء عن «ألف سنة» وهما واحد؟ علّه رعاية لعدم التكرار لفظيا ، والتوافق معنويا ، قضية الفصاحة القمة القرآنية ، كما وفي الاستثناء حصر يحدّد سنّي الرسالة دون احتمال نقيصة ولا زيادة ، ثم هذه الصيغة أجمل من «تسعمأة وخمسين سنة» لفظيا كما هي أكمل منها معنويا.
ولقد كان عاقبة امر قومه اللّد الكافرين المتعنتين (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ) بطوفان الظلم ، فاخذهم ـ إذا ـ طوفان بطوفان جزاء وفاقا.
(فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ) ١٥.
(أَصْحابَ السَّفِينَةِ) هم المؤمنون القلة الذين آمنوا معه بين أقارب نسبيا وأغارب ، وكيف (جَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ)؟
انها بقصتها المقصوصة في كتابات الوحي وهذا القرآن العظيم ، آية للعالمين على مدار الزمن الرسالي منذ نوح الى خاتم النبيين والى يوم الدين ، وعلّها كذلك ببعض انقاضها الباقية ، المرقوم عليها اسماء الخمسة الطاهرة المحمدية كما فصلناها في «الحاقة» آية حسية مبصرة للعالمين (١).
فضمير التأنيث راجع إلى قصة السفينة وإليها نفسها دونما اختصاص بواحدة دون الأخرى ، ومما يدلنا على آيتها الحسية (وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (٥٤ : ١٥) و (لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (٦٩ : ١٢) فلا يصغى إلى قبلة القائل من السفارة السوكيتية ـ بعد ما نشرت المجلات (٢) هذه
__________________
(١) ج ٢٩ ص ٩٠ ـ ٩٤ من الفرقان ، وفي الدر المنثور ٦ : ٣٦٠ عن قتادة في الآية قال : عبرة وآية أبقاها الله حتى نظرت إليها هذه الأمة وكم من سفينة غير سفينة نوح صارت رمما.
(٢) نشرته المجلة الروسية الشهرية الصادرة في موسكو تشرين الثاني ١٩٥٣ ، ومجلة ـ